top of page
1269x830 copy 2.png

من الفيلات إلى الأبراج الشاهقة...

العوامل التي تعيد تشكيل مشهد الرهن العقاري في  السعودية

اسلام زوين

اسلام زوين

تُركّز نشرة "ماكرو" لهذا الأسبوع في صورتها الأوسع من تحليل الأرقام على ثلاثة جوانب تُسهم في تشكيل قطاعي الإسكان والقروض العقارية في المملكة العربية السعودية، وهي:

التحول الملحوظ في تفضيلات نمط الحياة

الدور المتزايد لقطاع الائتمان الخاص في هذه السوق المربحة

المبادرات الحكومية لتوفير السكن بأسعار ميسورة

ويمكن للمواطنين التسجيل للحصول على قروض مصرفية مدعومة من الدولة لشراء منازل بُنيت حديثا في ضواحي المدن الرئيسية، مثل الرياض. وتسهم هذه القروض المدعومة من الحكومة في تحسين قدرة المواطنين على تحمل تكاليف السكن، وخاصة ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، مما يُعزز الاستقرار الاجتماعي ويرفع معدلات تملك الأسر بشكل عام، وهو أحد الأهداف الرئيسية لرؤية المملكة 2030. وفي الفترة الأخيرة، قررت المملكة رفع القيود المفروضة على عمليات بيع الأراضي والبناء عليها شمالي الرياض.

لكن من المهم أيضا الإشارة إلى أن أسعار الفائدة لا تزال أعلى بكثير من مستواها في فبراير 2022 (1%)، عندما بدأت في الارتفاع حتى بلغت ذروتها عند حوالي 6% في منتصف عام 2024، قبل أن تبدأ في الانخفاض بشكل طفيف مرة أخرى لتصل  إلى حوالي 5%. ولا يزال الارتفاع المستمر في تكاليف الاقتراض يُشكّل تحديا للمواطنين من ذوي الدخل المحدود.
 

ثانيا، شهد الائتمان الخاص في المملكة توسعا ملحوظا؛ من التركيز في البداية على الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى التنافس على حصة في سوق القروض العقارية.

 

ويأتي هذا الدور المتزايد للائتمان الخاص في ظل نهج حذر متوقع من جانب جهات الإقراض التقليدية، وهو ما أدى إلى فجوة تمويلية في سوق "مزدحمة"، حيث تتنافس جهات الإقراض التقليدية هذه على تقديم صفقات متشابهة تقريبا للمشترين الطموحين الراغبين في تملك عقار.

 

ولا تُقدم بعض شركات الائتمان الخاصة أسعار فائدة تنافسية فحسب، بل تركز أيضا على أولئك الذين لا يستوفون شروط الحصول على قروض عقارية تقليدية من البنوك.

 

والأهم من ذلك، أن شركات الائتمان الخاصة هذه تُقدم تمويلا لديون كبار المقترضين، مثل مطوري العقارات أو الشركات العقارية، حيث تجمع شركات الائتمان هذه القروض لاحقا في محفظة ديون متنوعة. وتجري هيكلة هذه الديون على شكل سندات ذات مستويات مخاطر متفاوتة ، ثم تُباع هذه السندات لمستثمرين تابعين لمؤسسات مثل شركات التأمين، أو صناديق التقاعد، أو شركات إدارة الأصول.

وأخيرا، ينعكس التحول في تفضيلات مفهوم السكن في المملكة بشكل كبير في تفضيل المطورين والمخططين العقاريين بشكل متزايد للمشاريع العمرانية العمودية ذات الطوابق المتعددة، مثل الشقق السكنية في المباني المرتفعة، والأبراج متعددة الاستخدامات، وذلك لتعظيم كفاءة استخدام الأراضي، واستيعاب النمو السكاني في المناطق الحضرية. 

 

ويجد المشترون من ذوي الدخل المتوسط ​​أن الشقق أرخص ثمنا بكثير من الفلل والمنازل المستقلة، وهذا التغير في الأذواق يجعل الحياة في المباني المرتفعة والأبراج السكنية أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية.

 

ويتجلى هذا التحول في تفضيلات نمط الحياة في المملكة نحو المساكن العمودية متعددة الطوابق في الطلب المتزايد على الوحدات السكنية الأصغر حجما، والأقل تكلفة، مثل الشقق المكونة من غرفتي نوم. وهذه الوحدات الأصغر حجما مصممة خصيصا للمهنيين الشباب، والأسر الصغيرة، والمواطنين والمقيمين من ذوي الدخل المتوسط ​​​​الذين يعطون الأولوية للقدرة على تحمل  الالتزامات المالية الشهرية.  

building background.png

تحليل من أرقام

بقلم شير ميهتا

تظهر بيانات نمو القروض العقارية السكنية في المملكة العربية السعودية السعي المستمر نحو تحقيق هدف تملك الأسر للمنازل بنسبة

وفقاً لرؤية 2030، والذي يتجلى في مبادرات مثل برنامج "سكني"، وتخفيض معدلات الفائدة. وحاليا، يمتلك

من السعوديين منازلهم، وهو ما يمثل ارتفاعا ملحوظا من 47% في عام 2016، عندما أعلن عن رؤية المملكة 2030 للمرة الأولى.

 

وقد أدى النمو الديموغرافي ( 63% تحت سن الثلاثين) إلى زيادة الطلب على تملك الأسر. وتعطي البنوك السعودية الأولوية للقروض العقارية بسبب عوائدها المستقرة وتوافقها مع الأولويات الوطنية الراهنة.
وقد ارتفع إجمالي سوق القروض العقارية بنسبة

من 297.37 مليار ريال سعودي في عام 2019 إلى 883.28 مليار ريال سعودي في الربع الرابع من عام 2024، مما يعكس معدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 14.6%.
ويعكس تسارع النمو العقاري ليصل إلى 15.12% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2024 (ارتفاعا من 13.29% في الربع الثالث من العام نفسه) الطلب القوي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتوسيع نطاق استحقاق الحصول على القروض العقارية.
 

وتلعب الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، والتي أنشأها صندوق الاستثمارات العامة عام 2017، دورًا محوريًا في تعزيز السيولة والاستقرار في سوق الرهن العقاري من خلال شراء محافظ الرهن العقاري من البنوك وشركات التمويل العقاري، ثم توريق هذه الأصول في هيئة صكوك أو أوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري.  

وتوفر هذه العملية سيولة فورية للمقرضين، مما يمكنهم من توفير المزيد من الرهون العقارية طويلة الأجل ذات السعر الثابت ودعم هدف الحكومة المتمثل في رفع ملكية المنازل إلى 70% بحلول عام 2030 .

وفي مارس، أعلنت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري عن إتمام تسعير إصدار أول صكوك دولية بقيمة ملياري دولار أمريكي، ضمن برنامج الصكوك الدولية البالغ قيمته الإجمالية 5 مليار دولار أمريكي، وتجاوزت نسبة تغطية الطرح ستة أضعاف إجمالي الإصدار بمشاركة أكثر من 300 مؤسسة استثمارية. 

القروض العقارية

- ارتفع إجمالي القروض العقارية بنسبة 11.55% على أساس سنوي، ليبلغ 767.27 مليار ريال سعودي في عام 2023، مقارنة بنحو 687.83 مليار ريال سعودي في عام 2022.

 

- في عام 2019، بلغ إجمالي القروض العقارية 297.37 مليار ريال سعودي. وفي الربع الرابع من عام 2024، حقق إجمالي القروض العقارية نموا بنسبة 15.12% ليصل إلى 883.28 مليار ريال سعودي، بعد أن سجل نموا بنسبة 13.29% على أساس سنوي في الربع السابق لذلك (الربع الثالث من عام 2024).

shutterstock_254g1069295.png

ارتفاع كبير في القروض العقارية السكنية  الممنوحة للأفراد

أدت الزيادة الكبيرة في عمليات الإقراض العقاري للأفراد إلى زيادة أنشطة البناء، وزيادة المعروض من المساكن، وخاصة في المدن الكبرى مثل الرياض، وجدة، والدمام، حيث ساهمت المبادرات الحكومية والنمو السكاني المتزايد في ارتفاع الطلب على المساكن الجديدة.

 

وقد بلغ متوسط ​​نسبة القروض العقارية الممنوحة للأفراد 75.52% من إجمالي القروض العقارية بين عامي 2019 و2023، وبلغ 79.1% من إجمالي القروض العقارية في عام 2023 فقط. أما متوسط ​​نسبة القروض العقارية الممنوحة للشركات فقد بلغ 24.47% من إجمالي القروض العقارية بين عامي 2019 و2023، وبلغ 20.85% من إجمالي القروض العقارية في عام 2023 فقط.  

- ارتفعت القروض العقارية الممنوحة للأفراد  بنسبة 10.45% على أساس سنوي في عام 2023، لتصل إلى 607.22 مليار ريال سعودي، وذلك مقارنة بنحو 549.78 مليار ريال سعودي في عام 2022.  

 

- في عام 2019، بلغت القروض العقارية المقدمة للأفراد 198.1 مليار ريال سعودي. وخلال فترة الخمس سنوات هذه، ارتفعت القروض العقارية الممنوحة للأفراد بشكل كبير. وفي الربع الرابع من عام 2024، حققت القروض العقارية المقدمة للأفراد نموا بنسبة 12.19% لتصل إلى 681.24 مليار ريال سعودي، بعد أن سجلت نموا بنسبة 11.02% على أساس سنوي في الربع السابق لذلك (الربع الثالث من عام 2024).

 

- استحوذ الربع الرابع من عام 2024 على 33% من حجم القروض العقارية السنوية، وهو ما يتزامن على الأرجح مع انخفاض أسعار الفائدة. ويؤكد هذا الاتجاه على وجود طلب قوي على التمويل العقاري.

 

- تشكل عمليات الإقراض العقاري الآن ما يقرب من 30% من إجمالي محافظ قروض البنوك (في الربع الرابع من 2024).

ومع بلوغ الإقراض العقاري حاليا نسبة 30% من إجمالي محافظ قروض البنوك السعودية، ترتبط الصحة المالية للقطاع المصرفي السعودي بشكل متزايد باستقرار سوق العقارات في المملكة، مما يجعل أداء قطاع القروض العقارية أحد عوامل المخاطر الرئيسية.  

 

وبشكل متزايد، يفضل الشباب السعودي التمويل العقاري القائم على نظام التقسيط، بدلاً من الاعتماد على المدخرات التقليدية، مما يعكس تحولاً لدى الأجيال نحو الاستفادة من القروض المتاحة من أجل تملك المنازل.

 

وقد ارتفع تمويل الشقق السكنية بنسبة 46.45% على أساس سنوي، ليصل إلى 2.9 مليار ريال سعودي في فبراير 2025. وقد أدت التعديلات الأخيرة على لوائح البناء في المملكة، في إطار رؤية 2030، إلى تقديم  قوانين أكثر صرامة لتقسيم المناطق، وتحديث  سياسات استخدام الأراضي، وفرض قيود جديدة على ارتفاعات المباني، وذلك بهدف إدارة النمو الحضري بشكل أفضل، واستيعاب المباني الشاهقة.  

 

كما أدى ظهور البناء عالي الكثافة، وقوالب البناء الجاهزة (مسبقة الصنع)، إلى زيادة الطلب على الصلب، والأسمنت، ومكونات البناء الأخرى سابقة التجهيز.   

 

ومع ذلك، لا تزال المنازل تهيمن على حجم التمويل المقدم للأفراد بنسبة 62.6% في فبراير 2025، بعد أن سجلت 65.24% في عام 2023.

القروض العقارية المقدمة للشركات تحقق نموا سريعا

هناك نمو سريع وملحوظ في الإقراض العقاري الممنوح للشركات، وهو ما يشير إلى زيادة سريعة في القروض المقدمة للشركات لتمويل العقارات المرتبطة بعملياتها التجارية، مثل الفنادق، أو متاجر التجزئة، أو مباني المكاتب. لكن من الجدير بالملاحظة أن هذا التوسع السريع في الإقراض العقاري للشركات يمكن أن يشكل بعض المخاطر، لأنه غالبا ما يؤدي إلى تعرض مفرط لمخاطر الإقراض بالنسبة للقطاعات التي قد تشهد تقلبات دورية، مثل قطاع الضيافة.   

 

وقد حققت القروض العقارية الممنوحة للشركات نموا - على الرغم من أن حصتها أقل (20.85% في عام 2023، بمقدار 160.05 مليار ريال سعودي) - بشكل أسرع من القروض العقارية السكنية الممنوحة للأفراد، حيث ارتفعت بنسبة 15.94% على أساس سنوي في عام 2023، وتسارعت لتصل إلى 26.24% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2024 (لتبلغ 202.04 مليار ريال سعودي).

 

ويعكس هذا النمو المتسارع، مقارنة بقطاع القروض العقارية الممنوحة للأفراد، الدور المتزايد للقطاع الخاص في رؤية المملكة  2030، حيث تُسهم المشاريع العملاقة (مثل نيوم، والبحر الأحمر، وروشن ROSHN)، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر القوية (المستهدف هو: 388 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030)، في تعزيز الطلب على العقارات للأغراض التجارية والصناعية.  

كما أن التوسع في صناديق الاستثمار العقاري المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وعقد الشراكات المختلفة، مثل الشراكة بين بلاك روك الأمريكية لإدارة الأصول والشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة، من الأمور التي تعزز قنوات التمويل.  

- ارتفعت القروض العقارية للشركات بنسبة 15.94% على أساس سنوي، لتصل إلى 160.05 مليار ريال سعودي في عام 2023، مقارنة بنحو 138.05 مليار ريال سعودي في عام 2022. وفي عام 2019، بلغت القروض العقارية للشركات 99.27 مليار ريال سعودي. وفي الربع الرابع من عام 2024، نمت القروض العقارية للشركات بنسبة 26.24% لتصل إلى 202.04 مليار ريال سعودي، بعد أن سجلت نموا بنسبة 21.93% على أساس سنوي في الربع السابق لذلك.

bottom of page